قلتُ: (أنا حاسة إن هييجي يوم قريب نخاف نتكلم فيه مع حد عن الحشيش من باب الذوق يعني، أحسن يكون اللي بنكلمه من الحشاشين)، فتردّدَتْ لجزء من الثانية وقالت: (أنا جوزي مابيمشيش غير بالترمادول) وكأنه إثبات فوري سريع على قدوم اليوم الذي ذكرته!
بشكل ما بدا الموقف الواقعي مشهدًا من مسلسل، لم يدهشني وكأني مدركة أن مصائب العالم تحوم حولي بالفعل وليس علي سوى اختلاس النظر بأقل قدر ممكن إلى حيوات الآخرين من آن لآخر.

تقول: (ماببقاش فاهمة هو عايز إيه، لما بيكون مش واخد العلاج بيزعق على أي حاجة تافهة، ولما بيكون واخده بيعدي أي حاجة وبيكون هادي، حاسة إني مش عارفاه)
طوال حديثها لي، كانت تشير إلى الترمادول ب(العلاج)، ربما لتخفي عن نفسها حقيقة أنه (ترمادول) وإنه بالنسبة لزوجها ليس علاجًا، و ربما لتنفي عن زوجها كونه مدمنًا لأن كل شيء يجب أن يكون (تمام) ، حتى لو كانت لا تعرف من هو حقًا.

تصرخ في الطفلين العابثين قليلًا كي يكفا عن ضرب بعضهما، ثم تقول : (أنا سمعت في التلفزيون إنه بيأثر جنسيًا، هو بجد بيعمل كدة؟ )
بدا أن الكلام عن أن الجنس أول ما يفكر فيه المصريون ليس خيالًا، كانت صريحة.. وكررت السؤال أكثر من مرة، وكأن الموضوع يؤرقها أكثر من أي شيء آخر، وربما فكرت فيه كأسلوب محتمل لدفع زوجها إلى العلاج.
قفز إلى ذهني مباشرة الجروب ثيرابي، حيث يبدو المدمنون أشخاصًا مسالمين لا يكف الواحد منهم عن ترديد : أنا أب وعندي عيال.. إلخ، يبدو سؤال مثل: أين كان حرصك على أسرتك وأنت تسقط؟ بديهيًا، المشكلة واحدة وتتلون حسب شخصية المدمن، دائمًا هناك آخرون عليهم اللوم، وهناك الظروف وهناك الحياة الصعبة، فضلًا عن إحساس كل فرد فيهم أنه الضحية وكأنه المصاب بالسرطان وسط مصابين بالزكام.  الأسرة تظهر حين يرغب المدمن في الخروج من المستشفى ليعاود حياته أو (سقوطه) فلابد من تمثيل الصورة إياها بإن (كله تمام).
 لست متعاطفة تمامًا مع دوافع المدمنين، بذهني دائمًا  تلك الأسرة المنسية التي يفرض عليها عربدة ابنها أو عائلها نوعًا من الحياة الخائفة القلقة. الخوف من ثوراته وتقلباته، الخوف من معرفة الآخرين بما يفعل، الخوف من جرائمه ضد القانون.
سطر آخر يكتب في قصة المرأة (الأم- الزوجة- الأخت) التي تقوم بأدوار عدة وهي (مجرورة) إلى قَدَر فُرض عليها، عندما نقلب القصة بافتراض أنها (مدمنة) وليس (مدمنًا) يصبح الوضع مستهجنًا أكثر، شكل المرأة وهي تشرب الشيشة أو السجائر يصبح منفرًا أكثر –ليس لأن التدخين والإدمان نفسه منفرًا- لكن لأنها امرأة. وللتفرقة في تصوراتنا عما يصح وما لا يصح بحور كلام لا تنقطع أنا شخصيًا مللت منها.



1 comment:

Anonymous said...

اما قضية المخدرات ، فهي مسألة شائكة جدا ، ومحتاجة الى اعادة هيكلة لنفوس الشباب و للمؤسسات الامجتمعية وللدولة نفسها - على اعتبار ان السبب الاول للمخدر هو الياس من الوضع الحالي -
أما مسالة الجنس ، فنوعا ما شي طبيعي .. سؤال طبيعي- أعتقد يعني - !
أما مسألة البنت والشيشة والدخان ، فهي منفرة لكلا الجنسين وضارة لكلا الجنسية بس الناس ولا بتفهم حقيقة الضرر ><
وبس :)