"دوق.."




.. وإذا بها تبدأ بالكلمات الثلاث الأولى من المقطع التالي،"الليالي الحلوة.." مرتجلة ما أعانها إلهامًا
 على الارتجال، محاورة الأوركسترا التي تصاحبها طائعة وتستجيب لها بردّ غرامي." الليالي الحلوة،
 والشوق والمحبة\ من زمان والقلب شايلهم عشانك" قوبلت المَدّة بغليان أقام الصالة وأقعدها
هتافًا وتكبيرًا. أما هي فوقفت على المسرح متلقية عاصفة التهليل بذراعين مبسوطتين، و ردت بترداد البيت بأكمله، متريثة في كل عبارة على هواها، مرددة الكلمات، لاعبة بها كأنها تنكأ، 
وتنكأ الجرح بسكّين.

تجاهلت حال الهيجان في الصالة، وخصّتني وحدي بنظراتها، واقتربت. أشارت إليّ بحركة من رأسها، كأنها تسخر من شحوبي. وعندما لامست شفتاها المذياع مجددًا همست بصوت لعوب: " دوق معايا الحب دوق" فتصدّعت جدران الصالة، ضحكتْ ، كأنها تتعمد الإثارة و رددت شطر البيت " دوق معايا" و رددته حتى استحال كلمة واحدة: "دوق" التي كررتها بأكثر من ترخيم وعلى نحو لا يخلو من الإيحاء الواضح. كانت قد جاوزت الستين من عمرها، فتجرؤ على ذلك دون خجل أخيرًا، وأنا المقلبُ الآخر من مرآتها، جمهورها المجسد في شخص واحد، لم أنتظر عبثًا. 
كنتُ "عمرها".


* النص من رواية " كان صرحًا من خيال"
ل(سليم نصيب)، ترجمة: بسّام حجّار 

No comments: