الكَمان





لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمانْ؟





أسافرُ في القَاطراتِ العتيقة

(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ)

أرفعُ صوتي ليطغي على ضجَّةِ العَجلاتِ

وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ

(تهدُرُ مثل الطَّواحين)

لكنَّها بغتةً..

 تَتباعدُ شيئاً فشيئا..

ويصحو نِداءُ الكَمان!

***

أسيرُ مع الناسِ، في المَهرجانات:

أصغي لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ ..

يملأ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ ..

لكنّني فَجأةً.. لا أرى!

تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!

وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..

ورويداً..




رويداً يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!

***

لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان?

فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..

فتصمتُ: هَمْهمةُ الريحُ خلفَ الشَّبابيكِ،

نبضُ الوِسادةِ في أُذنُي،

تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي،

وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!

شوارعُها: فِضّةٌ!

وبناياتُها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..

ألْقى التي واعَدَتْني على ضَفَّةِ النهرِ.. واقفةً!

وعلى كَتفيها يحطُّ اليمامُ الغريبُ

ومن راحتيها يغطُّ الحنانْ!

أُحبُّكِ،

صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!

وصارَ يمامُ الحدائقْ.

قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ

وغَابَ الكَمانْ


 -----------


فكرني بالقصيدة فيلم الجزيرة الوثائقية عن أمل دنقل 
الفيديو ده فيه لقطات من فيلم عطيات الأبنودي عنه (لأني مالقتش الفيلم نفسه)


وده كتاب عبلة الرويني-أرملة أمل-عنه: الجنوبي.
من أجمل ما قرأت في حياتي، فيه مسودات قصائد بخط أمل (وخطه جميل جدًا على فكرة).

2 comments:

مصطفى عبدربــه said...

بعيدا عن القصيدة
التي سمعتها أكثر من مرة بطبيعة الحال
لأني أحب أمل دنقل بشكل شخصي من ناحية
ولأنها قصيدة جيدة من ناحية أخرى
رغم صوته الأجش وإلقاءه الذي يعده البعض سيئا وأنا أعتبره إلقاءا مميزا جدا !

عن الفيلم أقول
أصبت بخيبة أمل شديدة اليوم بعد مشاهدتي للفيلم في الاعادة
ربما لأنني كنت أظنه أطول
أو سيلقي الضوء على جوانب مهمة في حياته مثلما فعلت الرائعة عبلة الرويني في كتاب الجنوبي
ولكن البرنامج كان أشبه بالشهادات الابداعية السقيمة التي تقدمها قصور الثقافة وان كان بشكل وثائقي فيه من الاحترافية الكثير !
وكان للأبنودي نصيب الأسد في الحديث عن الراحل العظيم وعن ذاته بطبيعة الحال

كنت أظنه أطول من ثلاثين دقيقة !
كنت أظنه سيظهر مواد فلمية ووثائق نادرة لدنقل لم نرها من قبل
باختصار
أصبت باحباط !

عل كل حال
يسلم ذوقك
وشكرا على القصيدة الرائعة
ويبقى أمل دنقل شاعرا عظيما

Rana said...

أنا كمان بيعجبني إلقاء أمل :)

الفيلم برضه كان مخيب لآمالي، الكتاب أمتع وأصدق

ميرسي لمرورك، وأهلا بمدوني الدقهلية :)